الخميس، 1 نوفمبر 2012

طابور !!












 لا شك بأن أغلب بل كل الشعب السعودي يرغب دائما ويحرص على إنهاء معاملاته اليومية بكل أريحية وسلاسة وانضباط بدون عرقلة تذكر وتعكير مزاجه أو مزاج غيره وبدون أن تحدث أي فوضى سواء لمن معه في إنهاء المعاملات أو مع من سيقدم له تلك الخدمة في أي قطاع كان للخدمات وبكل تأكيد لن يتحقق ذلك إلا بوجود ما يسمى بالطابور .

عُرف الطابور لدى الشعب أو الشعوب الأخرى في بداية العمر بل يعتبر أول للبنات التعلم على احترام حقوق الغير وعلى كيفية الانضباط وفي فترة تعتبر منذ نعومة الأظافر وقبل أيضا تعلم أي مادة علمية أو فلسفية أو دينية أو غيرها من العلوم , كان ذلك في الطابور الصباحي المدرسي فهذا يعتبر من أساسيات التعلم على الانضباط والنظام ولكن ربما لم يطبق بالشكل الذي كان يرغب فيه مؤسس هذه الحركة فقد كان أيضا يستقل بطريقة خاطئة لدى طلاب العلم فالكثير منهم لا يحبذ الحضور والانضمام إليه وأيضا ربما كان مميزا بعض الشيء وهو في أن من يأتي متأخرا يتنازل زميله ويجعله في مقدمة الطابور وهذا عكس نظام الطابور والمتبع دائما " من يأتي أولا يكون في مقدمة الطابور " ربما هذا يتبع الكرم العربي الأصيل في تفضيل بعض الأمور لغيرنا دونا أنفسنا !
تطورت مسألة الوقوف بالطابور من وقت لآخر وعلى مدى السنوات وأن كانت تسير بشكل سلحفائي وربما بدون رغبة أو غير محبب لدى الكثير لتعودهم على الفوضى وفي ظنهم أن تلك الطريقة تنهي أمورهم بسلسلة وحتى بعد تطور الوضع وأستخدم الطابور الآلي لدى بعض المنشآت وما يسمى "  QMATIC " وهو بأخذ رقم انتظار وانتظار الخدمة , فكلا يفكر في نفسه ناسيا أن هناك من هم أحق منه يتمثلون بمن تقدم مسبقا وفي وقت أبكر منه ولكن لدى الكثير لابد في أن يستمتع بفاكهة البلبلة والفوضى ويحرض غيره على أن يسلك نفس المسار أما أن يشاركه بالدخول في المعمعة وتجاوز ذلك الطابور أو في خلق الفوضى بإعلاء الصيحات بأنواعها كصيحات أن الطابور لا يتحرك أو يطالب بالمزيد من القائمين على ذلك الطابور لتحريك المسار بشكل أسرع وحتى وأن لم يكن في ذلك الطابور هو فقط وآخر يخدم في نفس اللحظة فنلاحظه ربما يتشاجر مع نفسه حتى يضطر لتغير المسار والذهاب لآخر بظن منه ذلك أسرع فما أن يغير الطابور حتى يخدم من كان قبله ويخدم من جاء بعده فيضيع وقته بالقفز من طابور لأخر متحسرا على حظه البائس والمشئوم  !

تتكرر المشاهد اليومية في سيناريو واحد أو متشابه سواء داخل المنشآت الحكومية أو الخاصة أو الأهلية ومراكز التسوق وحتى عند الذهاب إلى المساجد أو حتى الشوارع وفي أثناء قيادة السيارات فالوضع واحد ومتكرر والكل من هذه الفئة ومن يتبع هذا السلوك يقتدي أما بمن قبله أو بمن يراه كتقليد أعمى لا ينتج منه سوا إزعاج الغير , ومن هذه المشاهد على سبيل المثال وليس الحصر بل هناك المزيد :


-         مشهد نراه في أثناء قيادة السيارة وخاصة عند التقاطعات الجميع في صمت وكلا ينتظر دوره للعبور فيأتي من يمتلك أخلاقا حميدة ومحبا للنظام , بطبيعة الحال لن ينتظر مع من هم في نظره من حثالة المجتمع ليقف بجانب أول سيارة في المقدمة فيعبر قبلهم ويتكرر هذه المشهد لعدة أشخاص إلى أن تعم الفوضى فربما لا ينتهي الأمر إلا بحادث يعطل العامة .
-         مشهد في أحد مراكز التسوق وعند الكاشيير يأتي متسوق إلى أول شخص في الطابور ليستأذنه " ممكن أحاسب أنا ما عندي إلا كيلو بصل ومستعجل " تفضل يا أخي حاسب فأنا قائد هذا الطابور هنا ولن ينزعج من هم خلفي !! فلا أعلم لماذا يخصص في بعض المراكز " للأغراض الأقل من عشر قطع " !!
-         مشهد آخر في نفس المركز وبالقرب من الكاشيير " يا أخي حاسبنا أنا ما عندي إلا باكيت دخان وسيارتي واقفة غلط ما يصير اخذ مخالفة بسببك وسبب باكييت دخان " لا تعليق فقط أن الكاشيير غير مسئول عنك وعن مراقبة سيارتك بخارج المركز !!
-         مشهد وبعد الانتهاء من ذلك المركز المشئوم ويرغب أحد المتسوقين بالانصراف يجد سيارة أخرى تسد عليه الخروج من الموقف لينتظر صاحبها وبعد ساعة من الزمن يخرج محمل بذخائر التسوق وعلى أقل من مهله يرتب الأغراض دخل السيارة وبعد أن ينتهي يركل عربة التسوق برجله حتى تستقر العربة أما بأن تضرب أحدى السيارات أو في منتصف الشارع وبعدها يعتذر من صاحب السيارة الأخرى " أسمح لنا يا لحبيب أخرناك " !!
-         مشهد في أحد الدوائر الحكومية أو أحد البنوك يدخل صاحب السمو يبحث عن مخرج ليتقدم على من ينتظر " وين المسئول ؟؟!! " تفضل يا أخي " أنا مستعجل وأريد إن تخلصوني بسرعة عيالي ينتظرون بالسيارة والسيارة ما فيها مكيف ! آخر : أنا مستعجل بناتي بتطلع من المدرسة الحين ! آخر : أنا الحين مسافر وطيارتي بعد ساعة !  آخر : ولدي جالس بالسيارة والحين طالع من المستشفى وتعبان !! وآخر وآخر ............... وآخر !!

سياسة أنتظر حتى يأتي دورك سياسة أصبحت معدومة لدى الكثير من أبناء المجتمع وليس هناك من يدافع عن سياسة الطابور والانتظار , فالنظام منبوذ ولا نعلم متى سوف يأتي يوم نكون كغيرنا من البلدان المتحضرة التي تحترم حق غيرها قبل حقها أو تأخذ حقها بدون أن تظلم غيرها .

                                                      تحياتي
Abin Ali